نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي
نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي

القائد الفذّ  والزعيم الشجاع، والمسلم الورع صلاح الدين الأيوبيّ، التي تمتّع بأسس إسلاميّة راسخة كانت السبب بجعله يلتزم قضايا الإسلام، فحقق إنجازات عظيمة منها أنّه وحد الشام ومصر، وأعظم إنجاز للقائد صلاح الدين الأيوبيّ هو أنّه استعاد بيت المقدس من أيدي الصليبين، وبهذا الإنجاز دخل اسمه في سجلات العرب والغرب.

من هو صلاح الدين الأيوبي؟

صلاح الدين، هو يوسف بن أيّوب المُلقّب بالملك النّاصر، تنحدر أصوله من العائلات الكردية، وُلِد في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًّا)، وتحديدًا تِكريت، بين العامين (1137-1138) م، وتوفي في دمشق عام 1193 م، وقد كان يوم ولادته يومًا مفصليًّا في حياة بني أيّوب، ونقطة تحوّل كبيرة في مسيرتهم؛ إذ قرّر والده يومها الانتقال إلى حلب لخدمة عماد الدين زنكي، حاكم شمال سوريا العظيم ذو الأصول التركيّة، ونشأ صلاح الدين بين دمشق وبعلبك وكان شابًّا مهتمًّا بالدين والعلم، ولا تبدو عليه أمارات الميول العسكريّة، ليُصبح بعد ذلك قائدًا من أعظم قادة المسلمين وأكثرهم شهرة، فقد كانت كل من مصر وسوريا وفلسطين واليمن تحت راية الدولة الأيوبيّة في عهده.

  •  بدأ نجم صلاح الدين يلمع في عصور الخلافة الفاطميّة الشيعيّة في القاهرة وذلك في بدايات عمله العسكريّ، فبعد أن شارك صلاح الدين مع الفاطميين في 3 حملات تصدّر القوّات العسكرية وذلك عام 1169 م، ثمّ حاز السلطة لنفسه في النهاية، وبذلك توحّدت مصر وسوريا في عهده تحت راية الأيوبيين، وساعده على تحقيق إنجازاته والوصول إلى ما أحرزه من صيت في الشرق والغرب، أسرته المتمسّكة بالقضايا الإسلاميّة السّنيّة والملتزمة بالنهج العسكري لتحقيق أهدافها، إلى جانب ميوله النابعة من أساس ديني، فمدرّبه الأول كان أسد الدين شيركوه، القائد العسكري الفذّ للزنكيين، وهو من اكتشف مهارات صلاح الدين الفريدة في القِتال أثناء الحملات ضدّ الصليبيين تحت راية نور الدين زنكي.
  • كان دفاع صلاح الدين عن القاهرة ضد الصليبين برفقة عمه أسد الدين شيركوه بطلبٍ من الخليفة الفاطمي هناك، والذي كان خليفة شيعيّ في مصر يتبع للخلافة العباسية الاسمية، وبعد مضي فترة قصيرة على النجاحات المحقّقة في مصر توفّي عمه أسد الدين، ليُصبح صلاح الدين هو القائد العسكري البديل والوزير المُختار للفاطميين، ثمّ يكون حاكم مصر بعد عامين فقط بإلغائه الدولة الفاطميّة وإعادة الحكم السنيّ للبلاد المسلمة
  •  أضف إلى ذلك ارتباط اسم القائد صلاح الدين في أذهان الجميع بفلسطين ومعركة حطين الخالدة التي تبعها الإنجاز الرّفيع المتمثِّل في حيازة مدينة القدس للمسلمين بعد مرور 80 عامًا على تدنيسها في أيدي الصليبيين.

صفات صلاح الدين الأيوبي

اتصّف القائد صلاح الدين الأيوبيّ بعدد من الصفات الحسنة ونشأ نشاةً متميّزة كقائد في كنف أبيه، فتعلّم منه الإدارة العسكرية والسياسيّة، فكان لذلك دور في التأثير في شخصية صلاح الدين وصقلها، كما كان راوية للحديث وفقهيها بأمور الدِّين، كما ملك حماسة في الشعر، وقد كان من أجدر الناس بالإمارة لما فيه من الشجاعة والإقدام، فقد كان كثير الغزوات كما كان مثابرًا مجاهدًا في سبيل الله تعالى، فكانت حياته كلّها جهاد وعمل، فلا ينتهي من غزو حتّى يبدأ بغيره، كما كانت ذو همةٍ عالية وكرم وإحسان، وعُرف ببساطته في ملبسه ومأكله ومشربه، فلم يكن همه الدنيا بزينتها وألقابها ومناصبها، بل كان همّه الآخرة ونصرة الدّين والعقيدة، وكان يبذل لذلك أسبابه، وقد عُرف عن صلاح الدين أيضًا عدله فلم يكن يأخذ الناس بالظنّة، بل كان يستدعي الشهود ويسمه من المتهم ويحكم بأمر الشريعة، ولا بدّ من الإشارة إلى أن الأيوبيّ كان حريًا على طلب العلم، ولم يثنيه الجهاد عن طلبه للعلم، كما كان يحثّ جنوده على قراءة صحيح البخاريّ وذلك في أثناء التجهيز لمعركة حطين.

أسباب انتصار صلاح الدين الأيوبي

انتصر صلاح الدين الأيوبيّ انتصارًا عظيمًا في حطين ، وحرر بيت المقدس من أيدي الصليبين، واتخذ لذلك أسبابه بعد التوكل على الله تعالى، ومن هذه الأسباب ما يأتي:

  • تقوى الله عزّ وجلّ والابتعاد عن المعاصي والتمسك بالفرائض، واللجوء إلى الله تعالى في العسر واليسر، إضافةً إلى طلب عون الله تعالى وتوفيقه، الذي كان أساس الفلاح وأحد أهم أسباب التي عمل بها الأيوبيّ حتّى كان له النصر المبين على أعدائه.
  • استعداد الأيوبيّ الكامل للمعركة مع الصليبين فقد اهتم بصناعة الأسلحة والآلات الحربية ليقارع بها العدو.
  • توحيد بلاد المسلمين وجمعهم تحت لواء التوحيد والهدف الكبير والغاية السامية التي قاتل صلاح الدين في سبيلها هي من أهم أسباب النصر.

وفاة صلاح الدين الأيوبي

توفي الناصر صلاح الدين عن عمر يناهز السابعة والخمسين عامًا، وذلك في قلعة دمشق، بعد أن عانى من مرضٍ شديد، وكان هذا المرض بعد أن خرج صلاح الدين في للقاء الحُجّاج عند عودتهم من مكّة المكرّمة وذلك في عام 589هـ، وقد أثّر به هذا اللقاء تأثيرًا شديدًا وبكى من شدّة التأثر، وعندما عاد إلى دمشق بعد استقبالهم أصابته حمّى صفراويّة، واشتدّ عليه المرض ويئس الأطباء من علاجه، وانتشر خبر مرضه في دمشق، وحزن الناس عله حزنًا شديدًا وخافوا عليه ، وأصبحوا يعودونه في قلعة دمشق، ويدعون له بالشفاء العاجل، ولم يدخل عليه إلّا القاضي ابن شدّاد، والقاضي الفاضل، اللذان لازماه طوال فترة مرضه حتّى توفاه الله تعالى، وعلى الرغم من موت هذا القائد إلّا أنَّه لا يزال حيّاً في أذهان الجميع؛ فأعماله الخالدة والحيّة دائمة الذكر بين الناس.